الثلاثاء، 1 يونيو 2010

د. وفاء سلطان على برنامج الاتجاه المعكس فبراير 2006

بقلم نقلاً عن قناة الجزيرة
2/27/2006

صراع الحضارات

مقدم الحلقة: فيصل القاسم

ضيفا الحلقة:
ـ إبراهيم الخولي/ أستاذ في جامعة الأزهر
ـ وفاء سلطان/ كاتبة وباحثة

تاريخ الحلقة: 21/2/2006

فيصل القاسم: تحية طيبة مشاهديّ الكرام، ما هذا النفاق الغربي الرسمي الصارخ؟ لماذا سجنوا بالأمس المؤرخ ديفد إيرفينغ ثلاث سنوات لمجرد تشكيكه بعدد الذين ماتوا في المحرقة اليهودية بينما يعتبرون فعلة الصحيفة الدانمركية التي دنست أقدس المقدسات الإسلامية مجرد حرية تعبير؟ هل بقِي هناك أدنى شك بأننا بصدد صراع حضاري تفرضه علينا الطُغَم الحاكمة المتغطرسة في الغرب، يتساءل أحدهم؟ ألم تُعد بقية الصحف الغربية نشر الإساءات الدانمركية مما يؤكد على موقف رسمي غربي من الإسلام والمسلمين؟ يضيف آخر، ثم مَن أطلق مقولة صراع الحضارات في الأصل المسلمون أم المفكر الأميركي صموئيل هنتنغتون مُنظِر الإمبريالية الجديدة التي يسمونها عولمة؟ أليس البادئ أظلم؟ أليست الدعوات التي يطلقها بعض الزعماء العرب لحوار الحضارات نوعا من الضحك على الذقون؟ أليست حملة صليبية جديدة يريد من خلالها سادة العالم الغربي توريط أتباع الديانات السماوية في صراعات دينية لفرض أو لغرض الهيمنة والتسلط؟ ألم تكن نظرية هنتنغتون تسويقا لخطة مبرمجة بهدف القضاء على الميراث الشرقي؟ ألم تعترض فرنسا في يوم من الأيام على انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي بحجة أنه نادٍ مسيحي؟ لكن في المقابل لماذا اتهام المفكرين الغربيين باختلاق الصراع الحضاري؟ ألم يكن المفكر المغربي المهدي المنجرة أول من تحدث عن صراع الحضارات قبل هنتنغتون بثلاثة أعوام؟ ثم لماذا حصر الصراع بين الغرب والإسلام؟ ألم يتحدث هنتنغتون عن صراع حتى مع الحضارة الصينية؟ ألم يبق مصطلح صراع الحضارات مجرد تراشق بين المثقفين على صفحات الجرائد حتى قرر بن لادن تفجير برجي التجارة في أميركا فتحول صراع الحضارات إلى حقيقة؟ أليس صراعا بين المفهوم العصري للدين ضمن منظومة الديمقراطية وبين مفهوم الدين الشمولي الذي يمثله الإسلام السياسي؟ يضيف آخر، مَن الذي جلب الدب إلى كَرمِه أليست القاعدة؟ أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة هنا في الأستوديو على الأستاذ الدكتور إبراهيم الخولي الأستاذ في جامعة الأزهر وعبر الأقمار الصناعية من لوس أنجلوس على الكاتبة والباحثة الدكتورة وفاء سلطان، نبدأ النقاش بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

صراع الحضارات وصراع الأديان

فيصل القاسم: أهلا بكم مرة أخرى مشاهديّ الكرام نحن معكم على الهواء مباشرة في برنامج الاتجاه المعاكس، دكتورة وفاء سلطان في لوس أنجلوس في البداية على ضوء الأحداث الأخيرة على ضوء الضجة الكبيرة التي تحدث الآن في أوروبا بما يخص الإسلام، إنه صراع الحضارات الذي بشر به هنتنغتون، إنها الحملة الصليبية التي أعلن عنها جورج بوش الصغير عقب أحداث سبتمبر والتي تشترك فيها تلك الدول بأشكال متنوعة ويوزعون الأدوار فيما بينهم فمنهم مَن يغزو البلاد ويعيث فيها فسادا وقتلا وتدميرا ونهبا، أفغانستان والعراق مثالا وآخرون يقمعون حرية مسلمي تلك البلاد الغربية في إقامة الشعائر الإسلامية ويصدونهم عن الالتزام بالإسلام وآخرون يزعزعون الاستقرار في بلادنا ويخلقون مبررات التدخل في شؤوننا تمهيدا لاستباحتها وتفتيتها ومنهم من يستهزئ بالإسلام ورسوله كما حدث في الدانمارك وغيرها ولديّ استفتاء يؤكد هذه الحقيقة، 81% يقولون إن العالم يتجه نحو صراع حضارات، 19% يقولون لا، كيف تردين؟

وفاء سلطان- كاتبة وباحثة: تحياتي دكتور فيصل.

فيصل القاسم: أهلا وسهلا.

وفاء سلطان: أشكرك وأشكر العاملين في محطة الجزيرة، أشكر الأخوة المشاهدين وأتمنى أن نستمتع ونستفيد من هذا اللقاء، قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أطرح تساؤلا، ما هو الدين؟ ما هي الحضارة؟ وهل يلتقيان؟ الدين هو مجموعة القيم والمُثل والمبادئ التي تنظم العلاقة بين الإنسان وبين القوة العليا التي يؤمن بها ويُفترض أن لا تتجاوز حدود تلك العلاقة، أما الحضارة فهي درجة عليا من الرقي الاجتماعي نجمت عن التفاعل بين الفكر الحر والعمل الخلوق المتقن، عندما يصل الإنسان إلى تلك الدرجة يعيش حياته بسلام واحترام ويكون بالتالي أكثر قدرة على الإبداع وأكثر قدرة على الإتقان، الإسلام ليس حضارة، المسيحية ليست حضارة، اليهودية ليست حضارة، باختصار الدين ليس حضارة، الحضارة أعم وأشمل من الدين الحضارة تشمل الدين، الدين ينطوي تحت لواء الحضارة هو جزء وهي الكل، ما نراه من صراع على الساحة الدولية ليس صراعا بين الأديان وليس صراعا بين الحضارات، إنه صراع بين النقيضين، إنه صراع بين زمنين، إنه صراع بين العقلية التي تنتمي إلى القرون الوسطي والعقلية التي تنتمي إلى القرن الحادي والعشرين، إنه صراع بين الحضارة والتخلف بين المدنية والبدائية بين الهمجية والعقلانية، إنه صراع بين الحرية والقمع بين الديمقراطية والديكتاتورية، إنه صراع بين حقوق الإنسان من طرف واغتصاب تلك الحقوق من طرف آخر، إنه صراع بين من يعامل المرأة كالبهيمة وبين مَن يعاملها كالإنسان، ما نراه ليس صراعا بين الحضارات، الحضارات لا تتصارع، الحضارات تتنافس، التنافس يعكس أوجه التشابه أكثر مما يعكس أوجه الاختلاف، كلما ارتقت البشر التقت وكلما تباعدت في درجة رقيها كلما تصارعت، التفاوت في درجة الرقي هو سبب هذا الصراع.

فيصل القاسم: ماذا تقصدين باختصار بجملة واحدة.. يعني نفهم من كلامك أن ما يحدث الآن هو صراع بين الحضارة متمثلة في الغرب والتخلف والجهل متمثلا بالمسلمين؟

وفاء سلطان: نعم هذا ما أقصده.

فيصل القاسم: دكتور.

إبراهيم الخولي- أستاذ في جامعة الأزهر: بسم الله الرحمن الرحيم، بداية أقول ليس من حق أحد أن يحدد المفاهيم التي لا يستطيع فرد أن يستقل بتحديدها وأن يفرضها ما مفهوم الحضارة عندكِ؟ أي تعريف للحضارة؟ لابد أن نبدأ بتحديد المصطلحات والمفاهيم، ما الحضارة؟ ما التقدم؟ ما المعيار؟ أي تقدم يعتبر تقدما إنسانيا وأي تقدم يمكن أن ينتهي إلى تخلف إنساني بكل معاني الكلمة؟ نبدأ بالتحديد أولا، ما الحضارة؟ يبدو أنكِ تخلطين بين الحضارة والثقافة، الحضارة هي الجزء المادي، الذي تتحدثين أنت عنه الآن هو مدنية، الذي يقوم على العلم والتطبيق العلمي من خلال التكنولوجيا المتقدمة ومصارعة الطبيعة وقهر الطبيعة وتسخير قوى الطبيعة لخدمة الإنسان الحيوان ولتقدم الإنسان الحيوان وليس لتقدم الإنسان الإنسان، لابد أن يكون هذا واضحا منذ البداية والحضارات بهذا المفهوم المحدد التي هي ثمرة تراكم نتاج العلم وتطبيقه التكنولوجي، الحضارات بهذا المعنى محايدة، حضارة الهنود لا تتعارض مع حضارة الصينيين، حضارة اليابانيين لا تتعارض مع حضارة الأميركان لكن الذي يحوِّل الأمر إلى صراع البشر من خلال الثقافة ويستخدمون نتاج الحضارة في تلك الحرب وفي ذلك الصراع وهذا ما تفعله أميركا اليوم، أي مفهوم يجب أن يتحدد أولا؟ الهنود الحمر أكثر تقدما من الأميركيين البيض الذين أبادوهم من الوجود وكان للهنود الحمر ثقافة لم يرقَ إليها الأميركيون المتقدمون في نظرك حتى الآن، أبادوا شعبا بأكمله، أذلوا الأفارقة استعبدوهم أفتلك حضارة؟ أفذاك تقدم بالمعيار الإنساني؟ الحضارة في النهاية بشقها الثقافي نمو في إنسانية الإنسان تقدم في إنسانية الإنسان في قيم الإنسان في ضمير الإنسان في أسلوب الإنسان في تعامله مع الآخرين، هنا لابد أن نطرح سؤالا مَن المهيأ لفرض الصراع والبدء به المسلمون؟ كذب مَن يقول هذا والمسلمون الآن في موقف دفاع المعتدى عليه وحوارنا مع الغرب الآن للأسف لأننا لا نملك القوة المادية المكافئة لقوته لطردها إنما يراد له أن يكون حوار الحَمَل مع الذئب، لكننا نحن المسلمين لن نكون حملاناً على الإطلاق مهما كان الخصم يملك من أساليب القوة ومن أدواتها لأن معنا من القوة المعنوية ما يفل حديدة ويكسر سيفه ويرده على أعقابه خاسرا وهو حسيب، لسنا متخلفين، مَن قال لك أن الأمة أن المسلمين متخلفين؟ هم متخلفون إنسانيا هم متخلفون ماديا هم متخلفون تكنولوجيا لكن مَن قال إن هذا هو معيار الإنسانية؟ الإنسانية هي التي يتقدم المسلمون بالقيم والمبادئ التي تعززها وأنا أقول هذا الكلام لأن القضية المطروحة ليست قضية الإسلام مع الغرب وإنما هي قضية الإنسانية بأسرها، لا بد أن نضع الأمور في نصابها ولا بد أن نحدد المفاهيم كما ينبغي ولا بد أن يتحدد الكلام بعيدا عن الإنشائيات وعن الدعاوى وعن هذا الكلام المرسل الذي لا سند له وعن هذا الترديد لكلام كالببغاوات التي لا تعي ما تقول.

فيصل القاسم: طيب دكتورة سمعتِ، تفضلي.

وفاء سلطان: فهمت من هذا الكلام أن الحضارة برأي الأستاذ إبراهيم هي الإنسان..

إبراهيم الخولي [مقاطعاً]: ليس صحيحا..

وفاء سلطان [متابعةً]: مقارنة بسيطة بين..

إبراهيم الخولي: لم أقل هذا..

وفاء سلطان: المجتمعات الإسلامية..

إبراهيم الخولي: ليس هذا ما قلته..

وفاء سلطان: هو قال إن..

فيصل القاسم: بس دقيقة، تفضلي.

وفاء سلطان: إذا..

إبراهيم الخولي: لا.. لا تحملني ما لم أقل..

فيصل القاسم: طيب لم يقل ذلك..

وفاء سلطان: إذاً ما هي الحضارة..

فيصل القاسم: تفضلي.

إبراهيم الخولي: حتى لا يفشل فكري..

فيصل القاسم: نعم.

إبراهيم الخولي: عند الناس..

فيصل القاسم: تفضلي.

وفاء سلطان: أول ما قلت إن المسلمين ليسوا متخلفين إنسانيا، إذاً كيف تريدني أن أفهم تعريفك للحضارة عندما تقول بأن المسلمين غير متخلفين إنسانيا، ماذا تقصد بتلك العبارة؟

إبراهيم الخولي: قلت المسلمون متخلفون في مجال التقدم المادي بالمعيار المادي لكن الحضارة والإنسانية لها معايير أخرى.

فيصل القاسم: طيب بس دكتور هذه كاميرتك هناك، تفضلي بس كي لا نأخذ وقتا طويلا في موضوع تعريف الحضارة لندخل في موضوع..

إبراهيم الخولي: لا هذا مهم منطلق.

فيصل القاسم: جميل انطلقنا منه لكن دكتورة لنبدأ بالموضوع، إن ما يشهده العالم هو صراع حضارات والسؤال البسيط مَن الذي أطلق فكرة صراع الحضارات أليس صموئيل هنتنغتون وجاء ليس بن لادن كما يقولون؟ أريد أن ندخل في الموضوع لو تكرمتِ.

وفاء سلطان: المسلمون هم الذين بدؤوا بهذا التعبير المسلمون، هم الذين بدؤوا صراع الحضارات، عندما قال نبي الإسلام "أمرتُ أن أقاتلَ الناس حتى يؤمنوا بالله ورسوله" عندما قسَّم المسلمون الناس إلى مسلم وغير مسلم ودعوا إلى قتال الآخرين حتى يؤمنوا بما يؤمنون هم أثاروا هذا الصراع، هم بدؤوا تلك الحرب وعليهم أن يوقفوا هذا.. تلك الحرب أن يعيدوا النظر في الكتب الإسلامية والمناهج التدريسية التي بين أيديهم والمملوءة بالدعوة إلى التكفير وإلى قتال الكافرين، هذا ما أردت أن أقوله.

فيصل القاسم: دكتور؟

إبراهيم الخولي: من أين ينشأ الصراع؟ من التنشئة ومن التربية ومن الثقافة وأنا هنا أقول كلاما محددا واضحا الإسلام الذي تتحدثين عنه الآن وتتهمينه بالباطل الذي لا أساس له هو الذي علَّم الإنسانية مبدأ التعارف والتعايش وقبول الآخر {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} والإسلام هو الذي أسقط كل أسباب الصراع من دعاوى العنصرية من دعاوى التفوق من التعصب من العصبية من أي معنىً يفرق بين الإنسان والإنسان على أي أساس {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى} ونبي الإسلام صلوات الله وسلامه عليه..

فيصل القاسم: عليه الصلاة والسلام.

إبراهيم الخولي: الذي أنتِ تتحدثين عنه وأنتِ لا تعين ما يقول، يقول صلوات الله عليه في حجة الوداع "أيها الناس إن أباكم واحد وإن ربكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى"والناس الذين ذكرهم الحديث "أُمرت أن أقاتل الناس" إنما يُعنَى بهم تحديدا مشركو جزيرة العرب دون سواهم لأن الإسلام لم يقبل أن يهادن الشِرك وأراد تطهير جزيرة العرب لتسلم للإسلام، أما من عدا جزيرة العرب فلم يشن المسلمون عليهم على الإطلاق قتالا وإنما كان المبدأ المقرر لا إكراه في الدين.. لا إكراه في الدين فمن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر، هكذا وضع الإسلام ثم الإسلام هو الذي علم الدنيا احترام عقائد الآخرين والاعتراف بحقهم في احترامها في ممارستها دون أي خدش أو نبذ لهم، يقول ربنا{ولا تَسُبُّوا الَذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ} هكذا يقرر القرآن المبدأ، احترموا حتى وثنية الوثني حتى مَن يعبد شجرة مَن يعبد بقرة مَن يعبد حمارا أنا لا أقتات على معتقد.

فيصل القاسم: جميل، دكتورة سمعت هذا الكلام.

إبراهيم الخولي: أي تقبل لآخر فوق هذا؟

فيصل القاسم: جميل جدا دكتورة سمعت هذا الكلام، تفضلي.

وفاء سلطان: يقول إنه لا يسب عقائد الآخرين أي حضارة في الأرض تجيز له أن يوصم بشراً بألقاب لم يختاروها لأنفسهم، مرة نطلق عليهم أهل البيت.. أهل الذمة ومرة يطلق عليهم أهل الكتاب ومرة يشبههم بالقردة والخنازير ومرة بالنصارى والمغضوب عليهم، مَن قال لكم بأنهم أهل كتاب هم ليسوا أهل كتاب هم أهل كتب، كل الكتب العلمية المفيدة التي بين أيديكم هي كتبهم وهي نتاج فكرهم الحر الخلاق، بأي حق تشبههم بالمغضوب عليهم والضالين وتأتي الآن لتقول إن عقيدتك أمرتك بأن لا تسب عقائد الآخرين؟ كيف تشرح لطفلك عندما تقول له قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ورسوله إلى آخر الآية حتى يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون..

إبراهيم الخولي: إذا كنتِ لا تحفظين الآية فلا تذكرينها..

وفاء سلطان: كيف تشرح لطفلك أو لحفيدك هذه الآية؟

إبراهيم الخولي: أخرجي مصحفا واقرئي الآية حتى تفهميها..

وفاء سلطان: اقرأ لي هذه الآية واشرحها وقل لي كيف تشرح؟

إبراهيم الخولي: اقرئي أنتِ..

وفاء سلطان: اشرح هذه.

إبراهيم الخولي: أنت تتحملين مسؤولية ما تقولين وإلا فأنتِ جاهلة تتحدثين جهلاً.

وفاء سلطان: لماذا؟ ليس شرطاً..

إبراهيم الخولي: أخرجي مصحفك اقرئي حتى تفهمي..

وفاء سلطان: ليس شرطاً..

إبراهيم الخولي: {قَاتِلُوا الَذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِالْيَوْمِ الآخِرِ}..

وفاء سلطان: أنا أقرأ أكثر مما تقرأ وأفهم أكثر مما تفهم..

إبراهيم الخولي: ولا يحرِّمون ما حرَّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب، هؤلاء ارتدوا حتى عن دينهم حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون دليلا على استسلامهم لقولة الحق وعدم محاربتهم لها تأمينا لطريق الدعوة، افهمي أولا قبل أن تتكلمي.

وفاء سلطان: إذا كان لديك..

فيصل القاسم: طيب دقيقة، تفضلي.

وفاء سلطان: إذا كان لديك ما يبرر قتالهم هل لديك ما يبرر أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون؟

إبراهيم الخولي: أفهمتِ.. أنت ذكرت وخلطي بين أشياء، حين يسمي الإسلام والمسلمون إخوانهم غير المسلمين في مجتمعاتهم أهل الذمة..

وفاء سلطان: أنت يا سيدي تدعي أنك..

إبراهيم الخولي: مفهوم الذمة كيف فهمتِه؟ مفهوم الذمة يعني أنهم في عهد الله ورسوله وأن المسلمون.. المسلمين يرعون عهدهم ويحفظون حرمتهم يصونون أعراضهم ودماءهم وأموالهم وكل حرماتهم وكل حقهم في التعبير عن عقيدتهم..

وفاء سلطان: لماذا تريدون أن يدفعوها وهم صاغرون؟

إبراهيم الخولي: وممارسة شعائرهم لهم مال المسلمين وعليهم ما على المسلمين هذا مفهوم الذمة..

فيصل القاسم: طيب أنت صح.

إبراهيم الخولي: أما حكاية الكتاب وكتب، أنت تخلطين بين كتب ماركس وبين التوراة والإنجيل والقرآن، كم كتابا أُنزل على موسى؟ ألف كتاب كم كتابا أنزل على عيسى؟ ألف كتاب..

وفاء سلطان: يا سيدي لا تدعو الناس بألقاب لا تختاروها..

إبراهيم الخولي: أظنك حين ألفت كتابا تضعينه مع هذه الكتب، أي هدف هذا بالإنسانية..

وفاء سلطان: أنتم أهل الكتاب..

إبراهيم الخولي: وبتراثها وبقيمها..

فيصل القاسم: بس دقيقة دكتور بس دقيقة، تفضلي طيب.

وفاء سلطان: أنتم الذين سقطتم رهينة كتابٍ، أنتم الذين عجزتم أن تخرجوا بإنسانكم خارج حدود عقلية القرون الوسطى، هم أهل كتب هم ليسوا أهل كتاب، جميع الكتب التي بين أيديكم هي كتبهم إذا استثنينا أبا هريرة وملحقاته..

إبراهيم الخولي: مثل ماذا؟

وفاء سلطان: ماذا يبقى في كتبكم؟

إبراهيم الخولي: مثل ماذا؟ ما هي كتبهم التي هي..

وفاء سلطان: ماذا سيبقى في..

إبراهيم الخولي: التي هي تراث المسلمين؟ ما هي كتبهم؟ نحن الذين علمناهم وأخرجناهم من ظلمات العصور الوسطى ولتعلمي أنه كان في العصور الوسطى وفي فترة من الفترات فرض البابا على القساوسة وعلى المسيحيين لعن ابن رشد ولعن كل من يقرأ فلسفة ابن رشد وهذه هي الحضارة الغربية التي تتشدقين أنتِ أو غيرك بأنها حضارة الحرية حرية التعبير إلى آخره وأصبح لعن ابن رشد ولعن مَن يقرأ فلسفته تعبداً عبادة ثم كانت النتيجة في النهاية أن أصبح ابن رشد الفيلسوف المسلم هو رائد النهضة الأوروبية وقامت في الجامعات الأوروبية كراسي لدراسة فلسفة ابن رشد وإن كنتِ سمعتي في تاريخ الفلسفة شيئا أو قرأتِ أتعرفين الرشدية اللاتينية؟ أتسمعين عنها؟ هي التي نورت أوروبا وكانت أوروبا غارقة في الظلمات لولا المسلمون في الأندلس وأنت تعرفين جيداً من المتعصب الذي أباد الآخر عندما قدر عليه، هل بقي مسلم في الأندلس يوم استطاع فرناندو وإزابيلا أن يسيطروا ماذا صنعوا؟ خيَّروهم إما بين التنصير والتهدير في البداية أو بين التنصير والقتل وأُبيد المسلمون من الأندلس إبادة كاملة كما صنع الاميركان مع الهنود الحمر.

فيصل القاسم: طيب كي نبقى في الموضوع، هل تعتقد أن التاريخ يعيد نفسه الآن بخصوص الصراع بين الحضارات بجملة واحدة كي أنتقل إلى الدكتورة؟

إبراهيم الخولي: دكتور فيصل.

فيصل القاسم: باختصار بجملة واحدة كي انتقل إلى الدكتورة.

إبراهيم الخولي: أولاً صراع العقائد في تاريخ البشرية لم يتوقف ولن يتوقف السؤال هو من الذي يبدأه ربنا يقول {ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ} والهدف من الصراع إن صح الدفع صراع الدفع هو منع الفساد من الأرض واقتلاع جذوره..

فيصل القاسم: أما الذي يفعلونه؟

إبراهيم الخولي: أما الذين يبادرون بهذا الإفساد فهم الذين يعتدون ومن حق المعتدى عليه أن يدفع عن نفسه بكل ما يملك.

فيصل القاسم: طيب جميل جداً، دكتورة تفضلي.

وفاء سلطان: التطرف مرض اجتماعي ابتليت به البشرية في كل زمان ومكان ولكن عندما يصل هذا التطرف حد الوباء يجب أن تُضافر البشرية جهودها من أجل القضاء عليه، التطرف يحرق المجتمع الذي يحتضنه أكثر من المجتمعات التي يتطرف ضدها، التطرف يعني بصيرة المتطرف ويقضي على إبداعه يسيء إلى المجتمع الذي وُجد فيه أكثر من إساءته إلى المجتمعات الأخرى نظرة بسيطة ومقارنة أبسط بين المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الأخرى يعطيك فكرة عن مدى التطرف في هذه المجتمعات، الانحطاط في الحالة الإنسانية التي وصل إليها المجتمع الإسلامي دليل واضح على التطرف الذي يقود تلك المجتمعات إلى الهاوية، أما الوضع في المجتمعات الغربية يعطيك فكرة على أن التطرف قد عجز على أن يلعب دوراً كبيراً في تلك المجتمعات..

إبراهيم الخولي: ألا تعتقدين..

فيصل القاسم: بس دقيقة.

وفاء سلطان: السيد الدكتور إبراهيم يقرأ ما يريد أن يقرأه ويتغاضى عن ما لا يريد أن يقوله، كيف نُشر دينه؟ بالسيف واقتحام البلدان ويسميه نشراً بالعدل واحترام حقوق الآخرين، عندما يرفع الدكتور إبراهيم مكبراً للصوت على باب كنيسة ويصرخ كذب الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم، هل يحترم عقائد الآخرين؟ هل تكذيب الناس في عقائدها هي احترام لتلك العقائد؟ أريد جواب لهذا السؤال.

إبراهيم الخولي: أولاً لا ينبغي إسقاط تصرف مسلم على الإسلام ولا تصرف مسيحي على المسيحية، هناك قنوات في أميركا أنتِ تعرفينها ليس لها مهمة سوى النيل من الإسلام وتجريح الإسلام والطعن على الإسلام وتجريح كل مقدسات الإسلام، هذا عندك ليس عدوانناً على الدين ولا حرية الآخرين ولا على حرمات الآخرين ثم أي تطرف تتحدثين عنه وعندك بوش أكبر متطرف وأكبر إرهابي في التاريخ وإرهابي لم يقف عن استخدام عصا أو بندقية أو حتى الطائرات التي ضربت البرجين وإنما استخدم كل ما في الترسانة النووية الأميركية وما يتبعها في حرب الخليج وأباد شعباً بأسره وأخرجه من سياق التاريخ، ما ذنب أفغانستان ليذهب ليدمرها؟ ثم ألا تدركين الازدواجية والنفاق؟ كان الإسلام أيام الحرب الباردة وأيام خاض الأفغان الحرب ضد الاتحاد السوفيتي كان الإسلام حليف الغرب وكان الإسلام هو الدين الرائع الإنساني صاحب القيم ثم عندما انتهت اللعبة وانتهى الاتحاد السوفيتي وخرج من الصراع ماذا كان يجري بين الاتحاد السوفيتي والغرب؟ صراع أيديولوجي صراع حضارات وصراع ثقافات وصراع مذهبيات، حين سقط الاتحاد السوفيتي ظهر وجه الغرب القبيح على حقيقته وقالت تاتشر وقالوا في منتدياتهم انتهى العدو التاريخي للغرب الشيوعية وصعد العدو الأزلي الأبدي وهو الإسلام، هل نحن الذين فرضنا الصراع؟ هل نحن بادرنا به؟ مَن قال إننا نحن المسؤولين عن تفجير هذه اللعبة؟ الغرب وبوش يتخذ الآن من حكاية الحرب على الإرهاب غطاءً، هي حرب على الإسلام وقالها صراحة لا تحتاج إلى تأويل فلتكن حرباً صليبية وهو يقود حرباً صليبية وأنتِ تعرفين أن وراء هذا الصهيونية المسيحية الغربية المتطرفة التي تهيمن على مقدرات أميركا وعلى مقدرات القرار في أميركا وهي التي تصوغ السياسة الأميركية وهي التي تحرك كل شي تعرفين هذا جيداً فمَن الذي فجر الصراع ومَن الذي بدأ به؟ مَن المعتدي ومن المعتدى عليه؟ أمطلوب منا أن نهاجَم في عقر دارنا؟ أفغانستان محتلة، العراق محتلة، الخليج محتل، ثروات المسلمين تحت القبضة الأميركية ثم دولة الكيان الصهيوني الغاصبة مَن الذي أقامها؟ مَن الذي أمدها بأسباب البقاء؟ مَن الذي يضمن لها التفوق على العرب مجتمعين؟ مَن الذي يحميها من القوانين الدولية ويمنع تطبيقها عليها؟ مَن الذي يجعلها تنفرد في المنطقة بامتلاك سلاح الردع النووي؟ ثم إذا حاولت إيران بناء برنامج سلمي نووي تقوم الدنيا ولا تقعد، أقول لكِ لتعلمي عند الغرب محاذير ثلاثة محرمة على المسلمين لا يمكنون من الاقتراب منها، أولها بناء قوة ذات بأس في أرض الإسلام ممنوع وضرب المفاعل النووي العراقي عام 1981 والهجمة على البرنامج النووي الإيراني ومنع إيران ومنع العرب والمسلمين من بناء قوة ردع تواجه قوة الردع اليهودية في فلسطين هذا يدخل في نفس المبدأ..

فيصل القاسم: طيب.

إبراهيم الخولي: ثم منع قيام أي نظام يحكم باسم الإسلام في أي بلد إسلامي والترويج للعلمانية التي يروج لها كثيرون ولا أدري أكنتِ منهم أم لا، يراد بها إقصاء الإسلام جملة وتفصيلاً عن الحياة والإسلام ليس علاقة بين الإنسان وربه كما فهمتي إن كنتِ مسيحية فهذا مفهومك عن الدين وإن كنتِ مسلمة ففهمك خاطئ..

فيصل القاسم: طيب.

إبراهيم الخولي: الأمر الثالث منع وحدة المسلمين تحت أي توجه في الوقت الذي يتكتل فيه العالم شرقاً وغرباً تتوحد أوروبا، الولايات المتحدة موحدة، أميركا الجنوبية تتوحد، جنوب آسيا يتوحد، المحرم عليهم أن يتوحدوا العرب والمسلمون ليظل تقسيم أرضهم بمنطق سايكس بيكو إلى الأبد يجعلهم شظايا متناثرة يسهل قضمها وابتلاعها كما هو حادث الآن.

فيصل القاسم: دكتورة سمعتِ هذا الكلام لا أعتقد أنه لديكِ رد على كل هذا الكلام بموضوع صراع الحضارات قدم لكِ كل هذه الأمثلة التاريخية والحاضرة مَن الذي يصارع الآخر؟ مَن الذي يفرض الصراع صراع الهيمنة وصراع السيطرة وصراع كذا؟ أرجوكِ أن تردي إذا كان عندك رد؟

وفاء سلطان: أنا قلت وأكرر قولي إن المسلمين هم الذين بدؤوا هذا الصراع..

إبراهيم الخولي: غير صحيح.

وفاء سلطان: وعليهم كي يتوقف هذا الصراع أن يعيدوا النظر في التعاليم التي تدعو إلى رفض الآخر، التي تدعو إلى قتل الآخر، هو يريد أن يقرأ من تعاليمه ما تتناسب مع رأيه ويغض النظر عن التعاليم الأخرى التي قسمت العالم إلى قسمين، هم الذين بدؤوا هذا الصراع وعليهم هم بتغيير تعاليمهم أن ينهوا هذا الصراع، أنا لست مسيحية لست مسلمة ولا يهودية أنا إنسانة علمانية لا أؤمن بالغيبيات..

إبراهيم الخولي: ملحدة؟

وفاء سلطان: ولكنني أحترم حق الآخر في أن يؤمن بها..

إبراهيم الخولي: ملحدة يعني.. ملحدة؟

وفاء سلطان: تستطيع أن تقول ما شئت..

إبراهيم الخولي: أنا بأسألك..

وفاء سلطان: أنا إنسانة علمانية لا أؤمن بالغيبيات..

إبراهيم الخولي: أنا بأسألك لأعاملك بمنطقك، إن كنتِ ملحدة فلا عتب عليكِ إن سببتِ الإسلام ونبي الإسلام وقرآن الإسلام..

وفاء سلطان: هذا أمر شخصي لا علاقة لك به..

فيصل القاسم: بس دقيقة، تفضلي.

وفاء سلطان: أنا لا أدافع عن رأيي من وجهة كوني مسيحية، أنا أريد أن أُجلي تلك النقطة، أنا لست مسيحية لا أدين بأي دين أنا إنسانة علمانية لا أؤمن بالغيبيات ولكني أحترم حق كل إنسان في أن يؤمن بها، يا أخي آمن بالحجر ولكن إياك أن تضربي بها، أنت حر في أنت تعبد من تشاء ولكن لا علاقة لك بعقائد الآخرين سواء آمنوا بأن المسيح هو الله ابن مريم أو أن الشيطان هو الله ابن مريم، اتركوا الناس في عقائدهم، حريتك تبدأ عندما تنتهي حرية الآخرين عندما تطعن في مصداقية عقائد الآخرين أنت لا تحترم تلك العقائد، يجب أن يتأكد المسلمين من تلك الحقيقة يجب أن يعرفوا تلك الحقيقة يجب أن يعيدوا النظر في تلك الحقيقة يحترم الناس عقائدك عندما تحترم عقائدهم، أما عندما توصمهم وتشتمهم بالمكذوب عليهم والضالين لا تمتلك هذا الحق، يجب أن تعرف حدك وتقف عنده..

فيصل القاسم: طيب بس يعني لنعد..

إبراهيم الخولي: قفي أنتِ عند حدك.

فيصل القاسم: بس دقيقة طيب، السؤال المطروح يا دكتور يعني هناك نقطة أنه صحيح أنه صراع أو يعني مصطلح صراع الحضارات أطلقه هنتنغتون لكن ذلك الصراع بقي مجرد تراشق بين الكتاب على صفحات الجرائد والمجلات وفي البرامج حتى ذهب بن لادن وفجَّر البرجين، عندئذ تحول الصراع إلى حقيقة هكذا يقولون، كيف ترد عليهم؟

إبراهيم الخولي: بداية حتى لا نتوه..

فيصل القاسم: ويعني وما يفعله الغرب الآن.. بس دقيقة، يقولون لك وما يفعله الغرب الآن ضد الإسلام هو نتيجة طبيعية لتلك البداية.

إبراهيم الخولي: عام 1980 كان البرجان فجِّرا؟

فيصل القاسم: لا.

إبراهيم الخولي: هل حدث عدوان على أميركا؟

فيصل القاسم: لا.

إبراهيم الخولي: طيب، البابا بولس الثاني زار أفريقيا في خمس سنوات ثلاث مرات من 1980 إلى 1985 وحشد معه تسعة آلاف مُبشر أطلقهم في أفريقيا وأعلنت الصحف الأميركية قبل غيرها بأن غاية البابا من هذه الزيارات ومن هذا النشاط المكثف في أفريقيا منع المد الإسلامي في أفريقيا.. منع المد الإسلامي في أفريقيا وقلنا أيامها الدعوة إلى دين ينتمي بشكل ما..

فيصل القاسم: باختصار، نعم.

إبراهيم الخولي: إلى السماء مجاله الطبيعي إن لم يكن صراعا خفيا بين دين ودين مجاله مع الوثنيين مع غير المؤمنين مع غير المتدينين بدين ما، أما الآن يكون الصراع موجه نحو الإسلام على التحديد فتلك قضية أخرى لا ينبغي تجاهله ثم..

فيصل القاسم: باختصار، نعم.

إبراهيم الخولي: باختصار شديد مش كثير، عندما أرى كنيسة وجامعة.. الجامعة الإنجيلية في أميركا جامعة متخصصة في التنصير، الإحصائية التي أمامي عن ميزانيتها ومؤسساتها لا يكاد العقل يصدقها، معاهد تبشير بمئات الآلاف ملايين الطلاب جيوش من المنصِّرين المدربين مدد من التمويل لا حدود له كل ذلك هدفه ماذا؟ تنصير المسلمين أولا وقبل كل شيء، ثم مَن الذي يقف وراء حرب الجنوب في السودان طوال عشرين عاما؟ مجلس الكنائس العالمي وهو الذي كان يمول قرنق معروف هذا للدنيا ثم يقال بعد هذا أنه ليست هناك حرب على الإسلام ولا حرب صليبية جديدة؟ الرجل قالها بمنتهى الصدق ولم يصدق في غيرها بوش لتكن حربا صليبية..

فيصل القاسم: طيب دكتورة سمعتي هذا الكلام..

إبراهيم الخولي: نرفع أيدينا ونقول برافو؟

فيصل القاسم: دكتورة يعني يبدو يعني ماذا بإمكانك أن تقول أنا بس..

وفاء سلطان: الدكتور إبراهيم..

فيصل القاسم: بس خليني أسألك سؤال بسيط يعني هناك من يقول..

إبراهيم الخولي: ردي على كلامه ولا تريدي عليّ..

فيصل القاسم: بس دقيقة هناك مَن يقول بأنها في واقع الأمر بعيدة كل البعد عن حرب الحضارات هي ليست الإسلام ضد المسيحية هي حرب الغرب أو حرب الهيمنة إذا صح التعبير حرب السيطرة يقولون فلم يكن للإسلام يعني أن يكون العدو الضروري والافتراضي لولا الثروات والمواد الخام ولا سيما النفط والأسواق التي تتوفر عليها بلاد المسلمين يعني يجب أن يتضح للناس بأن الضحية هم المسلمون والمسيحيون في الغرب هذه هي شهية المسيطرين سيطرية الذين يفرضون العولمة وكل ذلك وما نشهده في الآونة الأخيرة هو جزء لا يتجزأ من هذه الحملة على المنطقة، كيف تردين يعني كي نبسط الأمور؟

وفاء سلطان: ما نراه من صراع ليس صراعا بين الغرب والإسلام إنه صراع بين الإسلام من جهة والعالم كله من جهة أخرى لأن الإسلام قسَّم العالم إلى قسمين قسم مسلم وغير مسلم، يتحدث الدكتور إبراهيم عن حملات التنصير في البلاد العربية والأفريقية لماذا لا يقول لنا إذا ضُبط على إنجيل في محفظة رجل مسيحي في السعودية ماذا سيحل به؟ ألا يمارس المسلمون عقائدهم في بلاد الغرب بحرية؟ ألا ينشرون دينهم في بلاد الغرب بحرية؟ ماذا ستفعل برجل غربي إذا ضُبط في بلادك يقوم بالدعوة إلى دينه؟ لماذا لا تعاملوا الناس بنفس الطريقة التي تريدون الناس أن تعاملكم بها؟

إبراهيم الخولي: انتهيتِِ؟

وفاء سلطان: أريد جواب..

إبراهيم الخولي: أولا ليست السعودية المثل الإسلامي الذي يُضرب والسعودية في نهجها وسلوكها العام أكبر بلد أدينه فيما يتصل بمعايير الإسلام..

فيصل القاسم: كيف؟ ما هي تحمل الله أكبر..

إبراهيم الخولي: في الحكم وفي غيره..

فيصل القاسم: تحمل راية الله أكبر يا دكتور، كيف؟

إبراهيم الخولي: نعم تحمل كما تشاء.

فيصل القاسم: كيف؟

إبراهيم الخولي: هذا السلوك لا شأن للإسلام به إنما نتحدث عن الإسلام.. الإسلام..

فيصل القاسم: يعني الإسلام براء من السعودية أو السعودية براء من الإسلام؟

إبراهيم الخولي: ليس أقول أنه براء من الإسلام، هناك انحراف في التطبيق بالنسبة للإسلام انحراف كبير وقلنا مليون مرة وقال غيرنا لا يُحكم على الإسلام من سلوك المسلمين كما لا يُحكم على المسيحية من سلوك المسيحيين، تقولين الإسلام قسَّم الناس إلى مسلمين وغير مسلمين والمسيحية تقول إن العالم كله مسيحي أم هناك مسيحي وغير مسيحي أليس تقسيما؟ ماذا يعني هذا؟ نفس الشيء وهذا شيء طبيعي وبضدها تتمايز الأشياء أفتريدين أن يكون الرجل امرأة والمرأة رجل والأرض سماء والسماء أرض عدنا إلى السفسطائية القديمة لا ندري ماذا نقول؟ تختلط المفاهيم وتختلط الحقائق وتتميع الأمور؟ ليس هذا منطقا.. ليس هذا منطقا ولا شأن لهذا بعلم هذا هراء.. هذا هراء.

فيصل القاسم: طيب بس دكتورة كي نضع الأمور في نصابها أنتِ تعلمين يعني أنتِ تتحدثين عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان أنتِ تعلمين بالأمس حكم على المؤرخ الإنجليزي ديفد ارفينغ بالسجن لمدة ثلاث سنوات بمجرد أنه شكك بأرقام الأشخاص الذين قضوا في المحرقة اليهودية، طيب كيف تؤيدين مثل هذا الأمر ويعني ويتشدقون في الغرب بأن الاعتداء على أقدس المقدسات الإسلامية هو نوع من حرية التعبير بالله عليكِ هل هناك نفاق أكبر من هذا النفاق؟ هذا سؤال وصلني كثيرا كيف تردين عليه؟ هل تقبلين بذلك كعلمانية كداعية حرية كموحدة للحضارات؟

وفاء سلطان: دكتور فيصل.

فيصل القاسم: تفضلي، نعم.

وفاء سلطان: احترام الآخرين..

فيصل القاسم: تفضلي.

وفاء سلطان: احترام الآخرين لك استحقاق تكسبه بعرق جبينك وليس منة يتصدقون بها عليك، اليهود خرجوا من مأساة فرضوا احترامهم على العالم بعلمهم لا بإرهابهم، بعملهم لا بزعيقهم، البشرية مدينة بمعظم اكتشافات وعلوم القرن التاسع عشر والقرن العشرين لعلماء اليهود، خمسة عشر مليون مشرد في العالم جمعوا شملهم ووصلوا إلى حقوقهم بالعمل والعلم، لم نر يهوديا واحدا يفجر نفسه داخل مطعم ألماني، لم نر يهوديا واحد يهدم كنيسة لم نر يهوديا واحد يحتج على ذلك بقتل الناس، حوَّل المسلمين ثلاثة تماثيل للإله بوذا إلى حطام لم نر بوذيا واحد يحرق مسجدا أو يقتل مسلما أو يحرق كنيسة أو يحرق سفارة ولكن وحدهم المسلمين يدافعون عن معتقداتهم بحرق الكنائس وقتل الناس وهدم السفارات، هذه الطريقة لن تؤدى بهم إلى نتيجة، على المسلمين أن يسألوا أنفسهم ماذا يستطيعون أن يقدموا للبشرية قبل أن يطالبوا تلك البشرية باحترامهم؟ ما قام به الفنان الدانمركي قد يكون أمرا غير مقبول لأن المساس بالمقدسات أمر غير مقبول ولكن حرية التعبير والنقد هي أقدس تلك المقدسات، الفنان الدانمركي لم يعبر عن سلطته الدينية وسلطته السياسية وإنما عبر عن نفسه، المسلم يصعب عليه أن يفهم تلك الحقيقة لأن الإسلام كدولة ودين لا يسمح له بأن يتجاوز حدود ذلك الدين وتلك الدولة رأى الفرد في المجتمع الإسلامي هو رأي الجماعة ولذلك لا يستطيع أن يحلق بفكره خارج الحدود التي رسمته لها تلك الجماعة، في الغرب الوضع يختلف تماما يحق للشخص أن يعبر عن رأيه بمعزل عن رأي سلطته الدينية وسلطته السياسية، هذه النقطة على المسلمين أن يفهموها تماما، عندما يحرق سفارة هم لا ينتقمون من الفنان وإنما ينتقمون من الدولة التي لا يمثلها هذا الفنان ولكنهم عاجزون عن فهم تلك الحقيقة لأنهم لا يمارسون تلك الحرية.

فيصل القاسم: دكتور الكلمة الأخيرة باختصار نصف دقيقة.

إبراهيم الخولي: هؤلاء الذين تتحدثين عنهم لا ينطلقون من فهم إسلامي صحيح ولا من تصور إسلامي صحيح وحينما يسب غير المسلم الإسلام ونبي الإسلام لا يحرك شعرة في رأسنا، نعذره إن كان جاهلا ونقبل إن كان متعصبا حاقدا لأنه ليس محاسَبا بمعاييرنا ولا بمقاييسنا، أنت تطلبين من المسلمين أن يصبحوا جميعا علمانيين ليصبحوا تقدميين مثلك ونحن نقول الإسلام ليس معرضا للبيع في المزاد وأنت تقولين بمنطق يقول القرآن يوضحه {ولَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ ولا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، ديننا دين الحق حقيقة وعندما يناقَش عقائد غير المسلمين بكل أدب بكل احترام.. {َيا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّهَ ولا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئا} { يَا أَهْلَ الكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحَقِّ }

هذا منطق القرآن عندما يناقش العقائد ويقررها بالحكمة والموعظة الحسنة ودون تجاوز في اللغة ولا في الأسلوب ولا في العبارة ولا خدش لمشاعر ولا خدش لعواطف أيا كانت..

فيصل القاسم: مَن هو الحضاري وغير الحضاري باختصار؟

إبراهيم الخولي: الحضاري هو الذي يلتزم قيما إنسانية وينمو فيها.

فيصل القاسم: وفي الغرب لا يلتزمون بها؟

إبراهيم الخولي: ليس هناك.. أي حضارة يا رجل هناك تبيح الشذوذ واللواط وزواج الاثنين وضياع الأنساب وأغلب مَن يحكمون الغرب أولاد زنا ولُقطاء أتريد هذا لنا هي؟

فيصل القاسم: أشكرك جزيل الشكر.

إبراهيم الخولي: مرفوض هذا.

فيصل القاسم: هل ترى أن العالم يتجه نحو صراع حضارات؟ أكثر من ثلاث.. انتهى الوقت..

إبراهيم الخولي: المسلمون سيحمون العالم من صراع الحضارات هم الذين سيحمون العالم لأن دينهم يأمرهم بهذا.

فيصل القاسم: هل ترى أن العالم يتجه نحو صراع حضارات 81.5 نعم، 18.5 لا، أكثر من ثلاث آلاف مصوت 3235، مشاهديّ الكرام لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيفينا الدكتور إبراهيم الخولي وعبر الأقمار الصناعية من لوس أنجلوس الدكتورة وفاء سلطان، نلتقي مساء الثلاثاء المقبل فحتى ذلك الحين فيصل القاسم من الدوحة يحييكم، إلى اللقاء.

******************

هناك تعليق واحد:

  1. هلا سعيد , مجهود كبير وحلو جدا منك
    اتمنى انك تستمر
    تحياتي ريما

    ردحذف