الثلاثاء، 1 يونيو 2010

سيدي الشيخ: ادفع بالتي هي أحسن!!

د. وفاء سلطان، 14 ديسمبر 2002

رسالة الشيخ بلال حلاق إليّ تقول: "لن أردّ عليكِ كي لا أنزل إلى مستواكِ، أنا لستُ إرهابياً، أنا من طائفة حاربتِ العنف والإرهاب. لا تحشري أنفك في أمور الدين التي لا تفهمين بها. اهتمي بطبخك ومطبخك!"

***********

آنّـا طفلة أمريكية وُلدت ثمرة علاقة غير شرعية لأمها. كان جدّها رجلاً كاثوليكياً متعصباً. طرد ابنته فور ولادتها وألقى بالطفلة في قبو منزله المنعزل القابع في أحد الأدغال البعيدة.

يعتقد علماء النفس الذين انكبّوا على دراسة حالة "آنّـا" أنها لم تلتقِ بأي إنسانٍ خلال الخمس سنوات الأولى من عمرها. كان جدّها يتسلل أثناء نومها إلى مكانها ليزيل قاذوراتها ويترك لها بعض الطعام والماء.

سمع بعض عابري السبيل أصواتاً مبهمة تصدر من بيت جدّها المنعزل فتوقّعوا أن في الأمر سراً. أطلعوا سلطات الأمن الأمريكية على الأمر. اقتحم البوليس بيت الجد ليعثر على كائن حيّ تصفه كتب الاجتماع بما لا شبيه له!

كانت آنّا تجلس ساعاتٍ في زاوية القبو ووجهها إلى الحائط، تفرك بأصابع يديها أعضاء جسدها وكأنّ حاسّة اللمس هي الطريقة الوحيدة التي تحسّ من خلالها بوجودها.

ارتعبت آنّا من وجود البشر حولها ورفضت أن تنظر إليهم. لا يدّ على وجودها سوى الأصوات الغريبة التي تصدرها والتي اكتشف الدارسون لحالتها فيما بعد أنها تشبه أصوات القطار الذي كان يمرّ على بعد ميلين من دار جدّها. تفرّغت عالمةٌ مختصّة بعلم النفس والسلوك لإعادة تأنيس أنّا، لكنها فشلت فشلاً ذريعاً وماتت آنّا بعد اشهر قليلة من اكتشافها.

لم تكن حالة آنّا هي الوحيدة من نوعها، فلقد عثر الفرنسيون في أدغالهم على طفل ترضعه لبوة. كان هذا الطفل لحظة اكتشافه أكثر تطوراً سلوكياً ونفسياً من الطفلة آنّا. تواجده مع حيوانات الغابة ساعده على أن يرتقي إلى مستواها!

هاتان الحالتان وحالات أخرى مشابهة وكثيرة أثبتت بالبرهان القاطع أنّ الإنسان لا يولد إنساناً وإنما يولد مخلوقاً قابلاً للتأنيس، وهنا تكمن الغاية من وجوده.

عملية التأنيس هي الرسالة التي يحملها كل إنسان يأتي إلى هذا الوجود. المجتمع الذي حوله مسؤول عن تأنيسه وهو بدوره مسؤول عن تأنيس غيره!

يولد الإنســان كتلة من اللحم والعظم مزودة بغرائز تساعده على البقاء في المرحلة الأولى من حياته، لكنها تحتاج في مراحل حياته اللاحقة إلى تهذيب وتطوير، وهذا ما تتضمنه عملية التأنيس نفسها.

عندما يولد الإنسان، يتغوّط على نفسه دون أن يكون مزوداً بأية قدرة على التحكّم بتلك الغريزة. الجهاز البشري التربوي المحيط به، سواء في أسرته أو في مجتمعه، يساعده في سياق عملية التأنيس على التحكم مستقبلاً بتلك الغريزة. هل يستطيع أحد فينا أن يتخيّل مصير الإنسان لو بقيت تلك الغريزة بنفس المستوى والشكل الذي ولد عليها؟!! وعلى هذا المقياس قس.

عملية التأنيس مهمّة معقدة شاقة وصعبة، وكلّما ازدادت الحياة البشرية تعقيداً ازدادت هذه العملية تعقيداً وازدادت مسؤولية الإنسان تجاهها.

هذه العملية لا تنتهي خلال مرحلة ما من مراحل حياة الإنسان، بل تبدأ منذ ولادته وتنتهي بموته. أي خللٍ يطرأ عليها خلال سيرها ينتقص من إنسانيته ويقلل من أهميته كعضو نافع في الأسرة البشرية.

العوامل التي تلعب دوراً في عملية التأنيس معقدة بدورها وكثيرة، ويضيق المجال لحصرها. تحتل اللغة المرتبة الأولى بينها من حيث الأهمية. يقسّم علماء النفس والسلوك هذه اللغة من حيث تأثيرها على الإنسان إلى قسمين: لغة سلبية وأخرى إيجابية.

الإنسان ناتج لغوي، وشخصيته، بجوانبها المتعددة هي حصيلة الصراع بين المفردات والمعاني السلبية والأخرى الإيجابية التي يسمعها ويتداولها في بيئته. إن غلبت اللغة السلبية خرج إلى الحياة مخلوقاً رافضاً سلبياً خاوياً مستهلكاً غير قادرٍ على العطاء. وإن غلبت اللغة الإيجابية خرج إلى الحياة عنصراً فعّالاً متفاعلاً إيجابياً سعيداً معطاءاً. بين هاتين الحالتين المتناقضتين يتراوح البشر في جودة شخصياتهم ودرجة إنسانيتهم.

*************

الشيخ بلال حلاق مستاء جداً لأنني دحضت يعض فتاواه. قراره بعدم النزول إلى مستواي لا ينبع من رغبته بل من عجزه!

ليس النزول إلى مستواي سهلاً!.. يتطلّب الأمر منه أولاً، ان ينسف برجه العاجيّ الوهمي وأسواره الحديدية العالية التي سجن نفسه وجماعته داخلها. وثانياً، أن يهبط إلى أرض الواقع علّه يستطيع أن يساهم كمربٍّ ورجل دين في عملية التأنيس البشري، ويُخرج إلى الحياة أناساً جديرين بها.

عليه أن يدرك أنّ الكتب الدينيةـ رغم أهميتها ـ لا تكفي وحدها لتزويده بالمؤهلات اللازمة للقيام بهذا الدور!

عليه أن يدخل مخابر العلماء وينظر في مجاهرهم كي يرى بأم عينيه العمق الذي غاصوا إليه داخل الدماغ البشري، ويلمس بنفسه الحقائق الجمّة التي خرجوا بها.

يقول الله في كتابه العزيز بأنه خلق، "الخيل والبغال والحمير لتركبوها". (سورة النحل 8 ) هل يستطيع الشيخ بلال أن يركب حماره في القرن الواحد والعشرين عندما يتوجه من بيته إلى عمله؟!.. طبعاً لا! لماذا يرفض أن يركبه؟.. هل يكون قد كفر بالآية الكريمة إن لم يركب حماره؟؟ طبعاً لا!.. كل ما في الأمر أنه استبدله بوسيلة نقل أكثر تطوراً وملائمة للظروف الاجتماعية والحياتية الحالية!

***********

قبل أن يطوّر الغرب وسائل النقل سعى إلى تطوير فكره ولغته ومفاهيمه، ومرّ خلال تطوّره بمراحل طويلة وعديدة. أما نحن فقفزنا بلمح البصر من ظهر البعير إلى جنح طائرة!.. لم نطوّر فكرنا، لم نطوّر لغتنا، لم نطوّر مفاهيمنا!

يرسل الشيخ بلال فتاواه إلى أية صحيفة عبر البريد الإلكتروني دون أن يعيد النظر في تلك الفتاوى كما أعاد النظر في طريقة إرسالها!

يسأله قارئ سؤالاً فيرد على الفور: "قال فلان عن فلان عن فلان عن فلان رضي الله عنهم أجمعين" وكأنه آلة تسجيل تكرر ما طُبعَ على شريطها دون أن يضفي عليها شيئاً من عقله، من فكره، من استنتاجاته، او من تجاربه. قرونٌ من الزمن وأنتم "تُـقَـوْلِـقـون"! ولا زلتم "تقولقون"

فلان وفلان وفلان يا سيدي بشر مثلي ومثلك ليسوا معصومين عن الخطأ، ولا نستطيع أن نثبت صحة ما نقلوه إلا على ضوء الآثار الإيجابية التي يتركها المنقول على عملية التأنيس نفسها.

كل ما يسيء إلى تلك العملية مرفوضٌ، مرفوضٌ، مرفوض!!! ولنبارك معاً كل قولٍ، كل عبارة، كل لغة تساهم إيجابياً في تأنيس البشر وخلق أفراد ضمن أسرة واحدة صالحين نافعين.

أضرب مثلاً قولك: "لا يقبل الله ثواباً من غير المسلمين حتى ولو أعانوا امرأة أرملة أو طفلاً يتيماً!" ما هي الغاية المرجوة من هذا القول؟.. لو استبدلت هذه العبارة بعبارة اخرى: "لا يضيّع الله أجراً للمسلمين.."، أما كانت الغاية أسمى وأنبل؟!..

***********

لماذا نحاول إقناع المسلمين بأن الله لا يقبل ثواباً من غيرهم؟!! لماذا لا نستعمل لغة أكثر إيجابية ونحاول إقناعهم بأن الله لا يضيع لهم ثواباً؟!..

لن أفشي سراً كبيراً إذا قلت لم يبقَ معبد واحد في المدينة التي أعيش فيها إلا وزرته. زرت المسـاجدَ، معابد اليهود، الهندوس، السيخ، البوذيين، كنائس المسيحيين على اختلاف مللهم وطوائفهم، وانتهيت لتوي من دراسة استغرقت تسعة اشهر، تناولت فيها المورمون وشهود يهوه. لم تتناول زياراتي ودراساتي الجوانب الروحانية، فأنا أؤمن بأن الروحانيات مسلّمات غير قابلة للبرهان والنقاش؛ إمّا أن تقبلها أو أن ترفضها دون سند مادي. رفضها أو قبولها، أمور تتعلق بين الإنسان وربه ولا علاقة للآخرين بها.

كنت أبحث من خلال زياراتي عن الوسائل والطرق التي تحاول من خلالها تلك المعابد تأنيس البشر. وباختصار، كانت اللغة المتداولة في تلك المعابد ضالتي التي أنشدها. آلمني جداً بل وصدمني أن اكتشف أن رجال الدين الإسلامي من أكثر رجال الأديان استعمالاً للمعاني والمفردات السلبية. يذكرون في سياق وعظهم وخطبهم كلمة شيطان بنفس المقدار الذي يذكرون به كلمة الله أو ربما اكثر. يذكرون النار أكثر من الجنة. يذكرون العذاب أكثر من الرحمة. يذكرون الجحيم أكثر من النعيم. يذكرون كلمة "لا يقبل" أكثر من كلمة "لا يضيّع". يذكرون العقاب أكثر من الغفران. يذكرون الكفار أكثر من المؤمنين. وعلى هذا المقياس قس.

يقول المفكر الأمريكي كيث هارولد في كتابه Attitude Is Everything "لكي تزيل الأثر السلبي لعبارة سلبية تفوّهت بها مرة واحدة يجب عليك أن تقول عبارة إيجابية تناقضها سبعة عشر مرة!"

لكي تمحو الأثر السلبي لعبارة "إن الله لا يقبل ثواباً من غير المسلمين" يجب أن تردد عبارة "إنّ الله لا يضيع ثواباً للمسلمين" سبعة عشر مرة مقابل كل مرة تذكر فيها تلك العبارة.

العبارة الأولى لا تخدم المسلم في شيء، إنما وعلى عكس ذلك تزيد من سلبيته في تعامله مع الطرف الآخر، وتزيد من رفضه له وبالتالي تسيء إلى عملية تأنيسه.

دعوني أطرح مثلاً آخر وهو قول المسيح الذي يردده الإخوة المسيحيون في جميع كنائسهم: "من آمن بي وإن مات فسيحيا". مرة أخرى، أكرر قولي بأنني لا أتناول تلك العبارة من الناحية الروحانية، ولا أحاول إثبات مصداقيتها من هذه الناحية، وإنما يهمني منها مفهومها اللغوي والأثر الذي تتركه في نفس سامعها.

كلمة آمن بعكس كلمة كفر كلمة إيجابية وقعها في النفس لطيف مؤثر وشفاف.

كلمة سيحيا بعكس كلمة سيُعذّب أو سيُحرَق أو سيُعاقب. كلمة إيجابية وقعها في النفس لطيف مؤثر وشفاف.

أعتقد أن تلك العبارة كمحور للعقيدة المسيحية، ساهمت إيجابياً وإلى حد كبير في تأنيس الإنسان المسيحي.

************

بعد حوادث سبتمبر من العام الماضي ببضع أسابيع، وتحديداً، في أواخر أكتوبر، كنت وزميلتي الدكتورة نائلة حدادين نتناول طعام الإفطار في غرفتنا في الطابق العشرين في فندق شيراتون بمدينة فيلادلفيا، عندما تناهى إلى سمعنا صوت الميكروفون داخل الغرفة يقول: أنت في خطر، غادر الغرفة بسرعة، استعمل السلالم، لا تستعمل المصعد الكهربائي!

كنت أقرب من نائلة إلى الباب فقفزن كالمجنونة وبلمح البصر راحت قدماي تسابق الريح على درجات السلم. صادفتني على مدخل السلّم شابة أمريكية في أوائل العشرينات من عمرها، عرفت فيما بعد أنها لاعبة تنس قدمت إلى بنسلفانيا من ولاية أخرى لتشارك في إحدى المباريات. وضعت يدها على ظهري ولم تتركني لحظة واحدة وهي تصيح بي: "لا تيأسي نحن في الطابق 16 ، 15 ، 14 ، 10 ، 3

في تلك اللحظات، كان صوت نائلة يتناهى إليّ من بعيد: "وفاء.. وفاء.. أرجوك أتوسل إليك أن تنتظريني. حرام عليك أن تتركيني لوحدي!

خلاصة الحديث، وجدنا أنفسنا في قبو الفندق لنكتشف أن جهاز الإنذار، ونتيجةً لخللٍ ما،قد أعطى إشارته بالخطأ في أربع غرف في الطابق نفسه. اعتذر طاقم الفندق، لكنني لم أعتذر!

احتجّت نائلة على تصرّفي بقولها أن أنانيتي قد دفعتني لأتركها خلفي بينما الشابة الأمريكية لم تتركني لحظة!.. دافعت عن موقفي بخجل وادّعيت أنها غريزة البقاء!..

أصررتُ على ادّعائي إلى أن اطّلعت بعد زمن قصير على مقابلة مع مستر جولياني الذي كان عمدة لمدينة نيويورك أثناء الأحداث. بعد ضرب البرج الأول بعشر دقائق، كان جولياني على مدخل البرج الثاني. شهد بأم عينيه سقوط البرجين. طرحت الصحافية عليه سؤالاً: صف لنا مشاعرك في تلك اللحظة. قال بالحرف الواحد: أُصِبتُ بحالة إحباطٍ رهيبة، ولكن عندما راقبت الناس وهم يغادرون البرجين بطريقة حضارية مدنية، لا أحد يدفع الآخر، بل على العكس، كلما تعثر أحد يركض إليه الشخص الذي يراه ليساعده على النهوض، أدركتُ آنذاك وأنا أشاهد هذا السلوك أن أمريكا بألف خير!

بعد اطّلاعي على المقابلة، اتصلتُ بنائلة على الفور: اسمعي يا نائلة.. ليست غريزة البقاء هي التي دفعتني لأن أتخلّى عنك. إنه الخلل في عملية التأنيس يا عزيزتي!!!

مئات من الحجاج المسلمين وخصوصاً المسنين منهم يموتون كل عام دوساً بالأقدام أثناء الطواف حول الكعبة. لا أحد يحتج. لا أحد يضع حلا للمشكلة. طالما بقي من يطوف نحن بألف خير!!

ليس الطواف وحده هو العبادة.. أن تســاعد مسـناً على النهوض بعد أن تعثّر هو جوهر العبادة!

الدين يا سماحة الشيخ، نعمة! "أتممتُ عليكم نعمتي". والإنسان الذي يعيش في نعمة، لا بدّ لآثار هذه النعمة من أن تنعكس على سلوكه.

إذا وقفنا خمسة على باب الفرن، ثلاثة منا على الأقل يٌداسون بالأقدام!

نظرة بسيطة ـ لا تتطلب جهداً كبيراً ـ على أوضاعنا وما آلت إليه أحوالنا، تعكس القحط اللغوي والفكري والعقلي والأخلاقي الذي نعيشه!

عندما تقع في أزمة، لا تستطيع أن تخرج منها بنفس العقلية التي وقعت بها!

الطريقة التي نفهم بها ديننا ونمارسه طريقة تحتاج إلى إعادة نظر، لأنها لم تعكس أثراً لنعمة عشناها على مدى خمسة عشر قرناً.

تقول إحدى الفاكسات التي وصلت إلى جريدة "الأخبار" والتي أرسلها رجال "مؤمنون شجعان" رفضوا أن يذيّلوها بأسمائهم: الشيخ بلال رمز من رموز الأزهر، ووفاء سلطان امرأة سيئة السمعة!

وأنا إذ أذكر العبارة الأخيرة لا لشيء إلا لأطلع القارئ على ما في جعبة هؤلاء الرجال من أخلاق!

لم يفاجئني تقييمهم لي فالرجل الذي أنتجته لغة سلبية لا يملك من ذخائر اللغة إلا الشتائم والسباب، ولكن فاجأني كون الشيخ بلال خريج الأزهر!!

أقل ما يمكن أن أتوقعه من شيخ تخرج من جامعة الأزهر أن لا يكون غليظاً فظ القلب وإن ردّ عليّ يردّ بالتي هي أحسن!

هل عبارة، "لن أنزل إلى مستواكِ.. لا تحشري أنفك في أمور الدين.. اهتمي بطبخك ومطبخك.." أحسن ما لديه؟!

أنا يا سيدي لا أملك شيئاً ضدك شخصياً، ولا أريد أن أسيء إلى مكانتك، يشهد الله!

لا أستطيع أن أقوّض من دورك كمربٍّ ومرشدٍ وصانع أجيال، ولكنني أريد أن ألفت نظرك إلى خطورة هذا الدور، وأريدك أن تكون أكثر تأهيلاً للقيام به. دورك كرجل دين ودوري كمرشدة اجتماعية ونفسية دوران متكاملان لا متصارعان. لا لأحد فينا يستطيع أن يلغي الآخر، ولا أحد فينا يستطيع أن يعمل بمعزل عن الآخر.

الإنسان المسلم في العصر الحديث بحاجة إلى كلينا. يحتاج إليك في أمور دينه وإليّ في أمور دنياه.

إصرارك بأنك لست إرهابياً ولست عنيفاً وبأنك من طائفة حارب العنف والإرهاب، أمرٌ أقدّره واحترمه حق التقدير والاحترام، ولا أملك أدنى شك بمصداقيته، ولكنني ما زلت أصرّ على أن عبارة "بأن الله لا يقبل ثواباً لغير المسلمين" عبارة ـ وأظنّك لا تدري ـ تكرّس العنف والإرهاب!

لو لم تغسل تلك الفكرة عقل محمد عطا وتستقر في خلايا دماغه خلال سنوات عمره الأولى، لفكّر قليلاً وتراجع كثيراً عما خطط له ونفّذه.

ليست وحدها "آنّا" التي تقبع في زاوية القبو تواجه الحائط وترفض أن تنظر في عيون البشر. أطفالنا أيضاً يواجهون نفس القدر، ولا يدلّ على وجودهم سوى أصواتهم التي تقلّد هدير القطارات العابرة مدن العالم المحيطة بهم. ويبقى السؤال: هل وفاء سلطان هي وحدها التي تسمع تلك الأصوات؟!! لا يهمني أن أكون بمفردي. سأقتحم المكان وسأسعى لإعادة تأنيسهم قبل أن يفوت الأوان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق