الثلاثاء، 1 يونيو 2010

متى يأتي سانتا كلوز

د. وفاء سلطان

عام 1897 كتبت الطفلــة الأمريكيـة فيرجينيـا أوهانلون البـالغة من العمر ثمان سـنوات إلى رئيس تحرير صحيفة New York Sun جاء فيها:

عزيزي رئيس التحرير:

عمري ثمانية أعوام. أصدقائي الصغار لا يؤمنون بسانتا كلوز، وعندما سألت والدي قال: انظري إلى الشمس، إذا كنت قادرة على رؤيته هناك، إذن هو موجود!

أرجوك أطلعني على الحقيقة، هل سانتا كلوز موجود؟!!

كتب إليها رئيس التحرير فرانسيس تشيرش يقول:

عزيزتي فيرجينيا:

أصدقاؤك الصغار على خطأ! هم متأثرون بالنزوع إلى الشك الذي يحكم تلك الأعمار. لا يؤمنون بما لا يرون ويعتقدون أنّ لا شيء خارج حدود عقولهم الصغيرة يمكن أن يكون موجوداً!

صدقيني يا صغيرتي، كل العقول صغيرة بما فيها عقول الرجال!

الإنسان في هذا الكون العظيم المحيط بنا مجرد حشرة ضئيلة إذا ما قورن بالعالم اللا متناهي المحيط به. ما زالت قدرته الذكائية عاجزة أن تستوعب الحقائق المطلقة!

نعم يا فيرجينيا، سانتا كلوز حقيقة موجودة. هو موجود كما الحب، وكما العطاء، وكما الإيمان!.. إنه يمنح حياتنا ـ كما تفعل تلك الحقائق اللامرئية ـ متعتهـا وجمالهــا. آه يا فيرجينيا كم يبدو هذا العالم مرعباً لو لم يكن سانتا كلوز موجوداً. سيبدو مرعباً تماماً كما لو لم تكن فيرجينيا الصغيرة موجودة!

كيف سنجعل وجودنا في هذا الكون مقبولاً لو لم نؤمن إلا بما نرى؟! كيف سندرك ذلك الضوء الأزلي الذي يمنحه وجهك الطفولي لعالمنا الجميل؟!

أنتِ لا تؤمنين بســانتا؟! إذن أنتِ لا تؤمنين بالساحرة الحسناء وسوبرمان وكل الأساطير التي حملت إلى عالمك الطفولي سحره وبهجته!

صدقيني يا فيرجينيا، إذا أراد والدك أن يثبت أنّ سانتا كلوز غير موجود، عليه أن يستدعي كل الرجال كي يحرسوا مداخن البيوت ويؤكّدوا أنّ لا شيء هناك يدلّ على قدومه، وأنا على يقين أنهم عاجزون.. عاجزون!

الأشياء الأكثر مقدرة على إثبات حقيقتها في هذا العالم، هي الأشياء التي لا يستطيع الصغار ولا حتى الكبار رؤيتها!.. هل شاهدتِ في حياتكِ ساندريلا ترقص في عرس الأمير؟.. طبعاً لا! لكنك لا تستطيعين أن تثبتي أنها غير موجودة ولم ترقص يوماً!

آه يا فيرجينيا، لا أحد منا يستطيع أن ينكر كم هي جميلة ومدهشة تلك الحقائق التي لا نراها. قد تمزقين لعبتك الجميلة كي تكتشفي بنفسك من أين وكيف يأتي صوتها الجميل، لكنّ الستار الذي يغلّف عالمنا اللامرئي، ســتارٌ متين يعجز أقوى الرجال عن تمزيقه، لا بل تعجز قوى الرجال جميعهم!

الإيمان، الخيالُ، الشاعرية، الحب، الرومانسية.. وحدها، تلك المعاني تستطيع أن تزيلَ ضبابيّة الأشياء وتظهر عالمها الجميل!

سانتا كلوز ليس موجوداً؟!.. أشكر الله أنه حقيقة موجودة وستعيش عشرة ملايين عاماً منذ الآن كي تصنع الفرح لفيرجينيا الجميلة ولكل الأطفال!

*************

عزيزي فرانسيس تشيرش:

أتمنى أن تشاء الأقدار ويرجع الزمن مائة عام إلى الوراء علني ألقاك لأسألك ما الفرق بين فيرجينيا الأمريكية ونجلاء العربية؟!

لماذا تبخل علينا السماء بسانتا كلوز كي يمسح عن عيون أطفالنا ضبابة الدمع الرمادية، ويصنع الفرح في عوالمهم كما يصنع الفرح في عوالم أطفالكم!

هل يأتي إلينا سانتا كلوز عاماً ما؟! وهل تفرح ولأول مرة نجلاء العربية كما فرحت وتفرح فيرجينيا الأمريكية منذ مائة عام؟!

نحتاج إلى فرانسيس العربي كي يجيب على هذا السؤال!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق