الثلاثاء، 1 يونيو 2010

رأيٌ خاص في الغادري وحزب الإصلاح

د. وفاء سلطان، 19 مايو 2005

******

"دكتورة وفاء سلطان:

"أرجو أن تعطيني رأيك بصراحة فيما يسمى معارضة سوريّة في امريكا ، وخاصة حزب الإصلاح السوري وعن أشخاص مثل السيّد الغادري وغيره. وذلك لقلّة المعلومات المتوفّرة لدينا ورغبتي بتحديد موقف سليم منها، باعتبارك قريبة منهم ولي ثقة كبيرة بآرائك."

*******

كانت تلك رسالة إلكترونية وصلتني من قارئ.

أشكرك عزيزي القارئ وأنتهزها فرصةً لأشكر جميع القرّاء الذين يتكرّمون عليّ بثقتهم، وأتمنى أن أبقى عند مستوى هذه الثقة.

بالنسبة لسؤالك عن حزب الإصلاح السوري في أمريكا وعن رئيسه السيّد فريد الغادري، سأبذل قصارى جهدي لأن أكون موضوعيّة ومخلصة في جوابي.

عزيزي القارئ: لقد لمست من خلال قراءتك لكتاباتي أنني لست سياسّية ولا أجيد فنّ السياسة. أنا خلقت ومعي، كأيّ انسان آخر، رسالة عليّ أن اؤديها. أختلف مع أيّ انسان آخر في درجة اصراري على ايصال تلك الرسالة.

رسالتي المقدّسة كباحثة في علم النفس والسلوك هي الولوج في النفس البشريّة ودراسة تفاعلها مع الواقع الذي تعيشه، أكتب عن مشاعر تلك النفس وتتركّز رسالتي على أن أَجنب تلك النفس الآلام التي تلعب دورا كبيرا في تخريبها وتدميرها. الفرح البشري بالنهاية هو غايتي.

وباعتباري السياسة هي خلاصة الواقع الذي نعيشه، أرى طريقي في البحث عن سعادة الإنسان يتقاطع أحيانا مع السياسة. وأجد نفسي ملزمة للتعامل معها.

في بداية الأمر، لم أكن أعرف عن حزب الإصلاح السوري أكثر مما أنت تعرف من خلال ماكتب على صفحات الناقد.

زارنا مؤخرا في أمريكا المفكّر والكاتب السوري السيّد نبيل فياض. كانت واشنطن محطته الأولى ونزل هناك في ضيافة السيّد فريد الغادري رئيس الحزب.

بعد اسبوع طار إلى كاليقورنيا برفقة السيّد الغادري وكانا ضيفاي اللذين استقبلتهما بكلّ ترحاب تمسّكا باصول الضيافة وايمانا منيّ بأهميّة هذين الضيفين.

في اليوم الثاني لوصولهما أقمت حفلة في بيتي على شرفهما ودعوت اليها وجوهاً معروفة في الجالية السورية هنا في كاليفورنيا.

كان المتحدّث الأول السيّد الغادري. وكان حديثه، بالنسبة لي، بداية الطريق لمعرفته.

أصغيت اليه باهتمام بالغ، سجلّت في ذاكرتي، وأنا أثق كالعادة بتلك الذاكرة، سجلت كلّ حرف قاله. طرحت عليه من قبل الجالية السوريّة اسئلة كثيرة وشاملة تناولت ماضي وحاضر ومستقبل الوضع في سوريّا بالتفصيل.

انطباعي الأول عنه كان رائعا، وأنا أثق دوما بانطباعاتي عن الأشخاص الذين ألتقي وأتحدّث اليهم. من النادر، إن لم يكن من المستحيل، أن يخونني هذا الإنطباع.

فريد الغادري انسان مثقّف، هادئ، مهذّب، خلوق وشجاع. قدرته على الإصغاء تفوق قدرته على الحديث. وتلك صفات مهمة، في رأيي، لأن تصنع منه قائدا جديرا بالثقة. قائدا طالما افتقدنا أمثاله في تاريخنا السوري.

فريد الغادري سوري قحّ، لكنه خلاصة مجتمع أمريكي، لايؤمن فقط بالديمقراطيّة، بل يعيشها في كل جانب من جوانب حياته. ونحن في المرحلة الحاليّة بأمس الحاجة إلى انسان، عاش تجربة ديمقراطيّة ويعرف تماما أهميتها وسبل تطبيقها.

لقد تعبنا يا عزيزي، وبصراحة، من البضاعة المحليّة. لم تعد تلك البضاعة كافية لإشباع حاجاتنا في بلد مرّت عليه عقود من الظلم والإرهاب الفكري والفقر الكافي لتدمير قدرات أيّ مجتمع على انجاب قائد قادر على انتشال ذلك المجتمع من المطبّ الذي وقع فيه.

أرجو أن لايفهم من كلامي أنني استهين بالقدرات الوطنيّة المخلصة والجاهزة لأن تساهم في بناء الوطن المدمّر. فإيماني بوجودها يفوق إيماني بنفسي، ولكن موضوع القائد يختلف تماما عن موضوع القاعدة الشعبيّة التي سيستند عليها. لايستطيع أيّ انسان، من وجهة نظري كطبيبة ملمّة بعلم النفس والسلوك، أن يعرف كيف يقود شعبه إلى برّ الأمان إن لم يكن قد سبق له أن عاش بأمان.

لايعرف أن يمنح الديمقراطيّة ويحمي وجودها من لم يعشها.

سواء كان فريد الغادري أم غيره، نحن بحاجة لقائد رضع لبان الديمقراطية كي يكون قادرا أن يرضعها لشعبه.

باختصار، بحاجة لقائد عاش مرحلة طويلة من حياته وتلقى علومه في بلد ديمقراطي، سواء كان هذا البلد أمريكا أم غيرها.

الدمار النفسي الذي ألمّ بالشعب السوري على مدى قرابة نصف قرن، لن يسمح له بانجاب القائد الذي يحتاج اليه في تلك المرحلة المهمّة من حياته.

قد يستاء الكثيرون من قولي هذا، لكنّه بالنسبة لي حقيقة علميّة يشرّفني أن أصرّ عليها.

اعادة تأهيل الشعب السوري، على الأقلّ من الناحية النفسيّة، هي مرحلة لابدّ منها قبل أن يستعيد هذا الشعب قدرته لإنجاب القائد الذي يتطلّع اليه.

قناعتي العلميّة المطلقة أنّه لايوجد مواطن سوريّ واحد عاش آخر أربعين سنة من عمره في ظلّ النظام السوري القمعي قادر على أن يكون قائدا د يمقراطيّا. هذا لاينفي ايمان المواطن السوري بالديمقراطيّة ورغبته في أن يعيش في مجتمع ديمقراطيّ. ولكن الفرق كبير بين ايمانك بشيء وقدرتك على الوصول إلى هذا الشيء. الظلم الذي عاشه هذا الشعب قتل قدرته على الخروج منه.

وبالمقابل، ليس كلّ سوريّ يعيش في مجتمع ديمقراطيّ مؤهلا لأن يكون قائدا سوريّا ديمقراطيّا. قد يعيش الحجاج بن يوسف الثقفي في أمريكا مائة عام ولا يستطيع أن يرى إلاّ رؤوسا أينعت وحان قطافها.

أريد أن تفهم من كلامي، أن معرفتك بالديمقراطيّة كسلوك وطريقة حياة شرط أساسي لابدّ منه لكي تلمّ وتتقن فنّ القيادة ولكنّه ليس الشرط الوحيد!

وهنا تبرز أهميّة السيّد الغادري كإنسان عاش تجربة ديمقراطيّة وتتوافر لديه الكثير من الشروط الأخرى. قد لا يكون السوريّ الوحيد الذي يمتلك تلك الخصائص، لكنّه على الأقل، السوريّ الأكثر حضورا على الساحة الأمريكيّة الآن، والذي قابلته وعرفته عن كثب ويحقّ لي أن أعطي رأي فيه.

الزمن الآن ضيقّ للغاية ولايسمح للشعب السوريّ مزيدا من الإنتظار. وهنا يبرز دور القائد القادر على اختصار الزمن، القائد القادر على ايجاد الحلول من خلاله تاريخه الشخصي وتجاربه الذاتيّة، آخذا بعين الإعتبار تاريخ شعبه ومآسيه الذاتيّة. أستبدل هنا كلمة تجارب بكلمة مآسي باعتبار كلّ تجارب الشعب السوري الأخيرة مآس!

السيّد الغادري مواطن سوريّ ينتمي إلى عائلة سوريّة مسلمة سنيّة. وهذا شرط أساسي آخر لابد من توافره في قائد المرحلة المقبلة للشعب السوري.

من أكبر الجرائم التي ترتكب بحقّ شعب، أيّ شعب، أن تتحكم بقيادته ومصيره أقليّة من أقليّاته. وخصوصا عندما لايكون هذا الشعب مؤهلا لأن يقبل دور أقلياته بنفس الدرجة التي يقبل بها دور الأكثريّة فيه. في تلك الحالة، تعطي لهذا الشعب غير المؤهل لقبول الآخر، تعطيه فرصة على أن يعلّق كلّ أخطائه على شماعة هذا الآخر. ويزداد الطين بلة عندما تفشل الأقليّة في ايداء دورها القيادي، بل وترتكب جرائم بحقّ هذا الدور.

تماما كما حصل في سوريّا أبّان حكم الأسد وزبانيته. أول جريمة ارتكبها الأسد، وقد تكون الأكبر، بحق الشعب السوري وحق الطائفة التي ينتمي اليها هو قبوله كعلوي ينتمي إلى أقليّة سوريّة، أن يحكم شعباً أكثريّته من الطائفة السنيّة.

يُخطئ من يظنّ أن طرحي هذا تحريض على الطائفيّة. عندما نختار قيادتنا يجب أن نؤخذ بعين الإعتبار التركيبة الطائفيّة والإيدلوجيّة الفكريّة لشعبنا. وهذا أبسط حقّ من حقوقه وأجلّ واجب من واجباتنا. ولا يخرج الأمر هنا عن مفهومنا للديمقراطيّة، ذلك المفهوم الذي يصرّ على اعطاء الدور الأكبر في القيادة للأغلببّة مع مشاركة الأقليات واحترامهم وحمايتهم.

إذا توفر الشرط الطائفي لدى السيّد الغادري يسمح لي أن أستمر في الحديث عنه وعن الجوانب الأخرى التي تتوفر لديه.

انتماء السيّد الغادري للطائفة السنيّة يجب أن يشجّع الأقليات على دعمه والوقوف إلى جانبه دون أي خوف من يكون اسامة بن لادن في ردائه.

الغادري رجل مسلم سنيّ علماني، والعلماني لايرى في دينه مايميّزه عن غيره، ولا يقيّم هذا الغير من خلال دينه.

الدين، في مفهومه، لله والوطن للجميع. هذا ماأكّده لي في لقائي معه.

في جعبة السيّد الغادري مشروع عمل ضخم ومهمّ من أجل إعادة بناء وطن مدمّر!

إعادة ترميم الإقتصاد السوري المنهوب والمسروق والمنهار يتصدر قمّة مشروعه. فالطريق إلى عقل الإنسان يمرّ بالضرورة من معدته.

والمعدة الخاوية لاتسمح لك أن تملأ عقلا فارغا!

لم أخض معه كثيرا في تفاصيل تلك المهمّة، لكنني سأوافيكم بكلّ جديد أعرفه.

محاسبة اللصوص والقراصنة الذين سرقوا رغيف الشعب السوري تنطوي تحت لواء تلك المهمة، والسيّد الغادري مصرّ على جلبهم للعدالة كي تقتصّ منهم وتجعلهم عبرة لمن تسوّل له نفسه أن يلعب بقوت الشعب.

القائد الشبعان، وحده الذي يحس بجوع شعبه.

ونجاح الإنسان على الصعيد الإقتصادي ضرورة ملحّة يجب أن تتوفّر فيه كي يتمكّن من أن يلعب دور القائد. لايستطيع الإنسان الجائع عندما يؤمّن على سلّة تين، مهما كان نزيها، من أن لايلتهم نصفها ويطمر النصف الآخر خوفا من الجوع لاحقا. عملا بقول الشاعر:

لاتأمن لنفس أشبعت بعد جوعها ـ إنّ بقايا الجوع فيها مخمّر

لن يتطلّع السيّد الغادري إلى التهام سلّة التين السورية في حال اؤتمن عليها، فهو رجل ناجح على صعيد عمله كرجل أعمال. وقد وفّر له نجاحه هذا مستوى معيشة رفيع لايبحث عن أفضل منه.

ماحصل في سوريّا خلال حقبة الأسد، يلزمنا بأن نأخذ تلك النقطة بعين الإعتبار.

الأسد نتاج طائفة كانت من أفقر الطوائف في تاريخ سوريا. وكانت عائلته من أفقر عوائل تلك الطائفة. ليس في الفقر عيبا، ولا أذكر هذا الأمر من باب الإهانة للطائفة العلويّة ولكنها حقيقة لعبت دورها في تدمير الإقتصاد السوري، ولابدّ من أن تؤخذ بعين الإعتبار في المرحلة الحالية.

من اللحظة الأولى التي استلم فيها الأسد وزمرته من أبناء طائفته ، انصبّ جهدهم على اشباع بطونهم الخاوية والتي تخمّر الجوع في ثناياها. ولقد اختبأ خلف ظهورهم ذئاب الطوائف الأخرى فعاثوا نهبا وسلبا لم يقل يوما عن نهب وسلب من كان في السلطة من العلويين.

أربعون عاما ولم تشبع بعد تلك البطون الخاوية ! أكلّت سلة التين بكاملها، وتركت الشعب في حالة مجاعة، لاتسمح بإعادة تأهيله عقليّا قبل إعادة تأهيله اقتصاديّا.

السيّد الغادري رجل شبعان لايبحث عن سلّة تين، فحديقته عامرة بكلّ أنواع الأشجار المثمرة ويحمل في جعبته مشروع إعمار لحديقة الوطن.

خبرته في علوم الإقتصاد التي جناها من العيش في دولة تعتبر أكبر دولة اقتصاديّة في العالم، تلك الخبرة التي كانت وراء نجاحه على الصعيد الشخصي، لابدّ وأن تلعب دورا في نجاحه على صعيد الوطن عندما تتاح له أن يساهم في قيادة ذلك الوطن.

عندما سيطر حافظ الأسد على مقاليد السلطة في سوريّا، كلّ ماكان يعرفه في علم الإقتصاد كيف يحمل على ظهر حماره حزمة من الحطب كي يقايضها في ساحة المدينة بقطعة صابون.

لاأريد أن يفهم من كلامي بأنني أحاول أن أهين بائع الحطب، لكنني أصر على أنّه لايصلح أن يكون مسؤولا عن اقتصاد دولة، وليس في الأمر أيّة اهانة لأحد.

هذا من ناحية الأسد الأبّ، فما رأيك بالأسد الأبن الذي لايعرف حتى كيف يقايض الحطب بالصابون؟!!

لقد ولد وفي فمه ملعقة ذهب مازال ثمنها يدفع على حساب حليب ورغيف ودواء الشعب السوريّ.

لاأستطيع أن أتكلّم عن مستقبل سوريّا الإقتصادي في ظل المهمّة القياديّة التي يتوخى السيّد الغادري حملها، وكأنه يبدو لي من خلال كرة من الكريستال. الأمور ليست بالسهولة التي نظنّها.

كلّ ماأستطيع أن اؤكد عليه صدق النيّة التي لمستها لدى هذا الرجل المثقّف الواعي، وايمانه بهدفه وعزيمته القوية التي ستلعب دورا في انجاز مهمته.

الناس لايتبعون القائد إلاّ عندما يشعرون بأنّه أقوى منهم، على أن لاتطغى قوته على الجانب الإنساني في شخصيّته. لقد حاولت، وبتأن دقيق، أن أختبر تلك الناحية في شخصيّة السيّد الغادري خلال المرّات القليلة التي التقيت من خلالها به.

ولقد نجح الإختبار بامتياز!

رجل تفرض عليك مظاهر القوّة في شخصيّته احترامه والإصغاء اليه دون أن تصاب بحالة هلع.

يناقش بهدوء ويصغي بهدوء. لايفرض رأيه عليك ولا يستخفّ برأيك.

يأمل ويحاول بجديّة أن يكون مهدي سوريّا المنتظر، لكنّه لايدّعي بأنه وحده هو ذلك المهدي.

يؤمن بحاجته للقاعدة الشعبية، ويسعى جاهدا لاكتساب دعم تلك القاعدة، من منطلق ايمانه بأهميّة هذا الدعم.

أكدّ لي على ضرورة أن يشارك كلّ سوريّ في إعادة بناء سوريّا، دون أن نسمح لخلافاتنا بأن تلتهم الظرف الدولي الملائم الآن للقيام بهذا الدور.

سوريّا لم تكن ضحيّة السلطة بتزعم الأسد وزبانيته وحسب، بل لعب الإسلاميون المتشددون دورا لايستهان به في قتل تلك الضحية.

كانت السلطة وكان هؤلاء شفرتين لمقصلة واحدة!

حزب الإصلاح السوري برئاسة السيّد الغادري، وبالتعاون مع كلّ الأحزاب العلمانيّة الأخرى سيكون البديل المطروح لهذين الشفرتين.

هذا ماأكدّه السيّد الغادري.

يبقى عليّ أن أتطرّق إلى القوة التي يستند عليه السيّد الغادري بالإضافة إلى قوة الشعب السوري والتي يزداد كسبه لها يوما إثر يوم.

الواقع الراهن على الساحة الأمريكيّة والدوليّة، وتحديدا بعد أحداث أيلول الإرهابيّة، لايخفى على أحد!

أمريكا كأقوى دولة في العالم واقع يفرض نفسه، شئنا أم أبينا!

ومستقبلنا السوري، لاشكّ، يتوقف على مدى تعاملنا مع هذا الواقع بذكاء، دون أن نفقد خصوصياتنا وهويّتنا.

توصلت أمريكا إلى قناعة مطلقة، وقد دفعت ثمن تلك القناعة غاليا، توصلت إلى قناعة بأن الأنظمة الديكتاتوريّة التي كانت تدعمها في منطقة الشرق الأوسط لم تكن في يوم من الأيام لصالحها. لقد أعادت النظر في حساباتها، وتبدو أكثر من أيّ وقت مضى جادة في إعادة صياغة تلك الحسابات!

يحاول السيّد الغادري، وبسرعة البرق، أن يستغل هذا الوضع لصالح الشعب السوريّ، الذي دمرته سلطاته ولم تستطع يوما أن تستغل حدثا عالميّا لصالحه.

هو في سعيه الحثيث، يشتغل في الليل والنهار لإقناع الحكومة الأمريكيّة بضرورة دعم مشروع حزبه، حزب الإصلاح السوري. يخدمه في ذلك خبراته وتجاربه في المجتمع الأمريكي وعلاقاته الواسعة مع أعضاء الحكومة الأمريكيّة.

لقد اعتدنا أن ننظر إلى كلّ من يتعامل مع الغرب على أنّه عميل صهيوني!

كما أعادت أمريكا النظر في حساباتها، علينا أن نعيد النظر في حساباتنا!

لقد غيّرت أمريكا نفسها كي تكون قادرة على تغييرنا، وعلينا أن نغيّر أنفسنا كي نكون قادرين على تغييرها!

العناد والتشبث بالأفكار القديمة لن يقودنا إلى أوضاع جديدة.

أمريكا تصرّ على أنّها ستعطينا فرصة جديدة لغيير صورتنا المشوهة لديها، وعلينا أن نعطيها بدورنا فرصة جديدة كي تغيّر هي الأخرى صورتها المشوّهة لدينا.

فنّ السياسة يتطلب بعض الذكاء والحنكة، بعيدا عن الخداع والكذب.

أعتقد أن السيّد الغادري يتقن هذا الفن، كما تتقنه أمريكا.

ولقد نصب أشرعته، وهو على أهبّة الإبحار فينا نحو برّ الأمان.

كلّ ماأستطيع أن أفعله كي أسهّل عليه وعلينا تلك الرحلة أن أهيب بكم جميعا، كي تضمّدوا جراحاتكم وتتجاوزوا خلافاتكم وتمدوا أياديكم كي تتشابك مع أيادينا هنا في المهجر.

المستقبل لنا ولكم، المستقبل للوطن كلّه.

أودّ في النهاية أن أروي لكم ماقاله يوما الرئيس الأمريكي ابراهام لنكولن:

"كما أرفض أن أكون عبدا أرفض أن أكون سيّدا. هذا هو مفهومي للديمقراطيّة، وكلّ مايخرج عن ذلك المفهوم، مهما اختلفت درجة خروجه لايمت، بنظري، للديمقراطيّة بصلة."

في أمريكا عاش الغادري هذا المفهوم ويريدكم أن تعيشوه.

يرفض أن يكون أحد فيكم عبدا ويرفض، في الوقت نفسه، أن يكون عليكم سيدا.

في مجتمع ديمقراطيّ، تكون السيادة للوطن ولكلّ انسان في ذلك الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق