الثلاثاء، 1 يونيو 2010

كيف نغيّـر هذا العالم؟!

بقلم د. وفاء سلطان

توجهت إلى عائلتي وأصدقائي أطلب منهم المساعدة في الإجابة على سؤالٍ حيّر عقلي زمناً طويلاً: "كيف نستطيع أن نغيّر هذا العالم القبيح؟!"

ردّت أمي على الفور، "خيّطي أفواه الناس علّهم يتوقّفون عن الغيبة والنميمة وقذف أعراض الآخرين وإصدار الأحكام الجائرة دون أي وازع أو رادع.

اعترض أخي قائلاً، "بل حسّني ظروف الاتصالات ليتحدّث الناس بحرية ويتبادلوا الآراء بصراحة وجرأة ودون خوف.

تناهى موضوع النقاش إلى أذُنَي صديقتي التي تشتغل في دائرة الضمان الاجتماعي فقالت، "لي رأي آخر.. وزّعي الطعام على الجميع بالتساوي ولا تدعي أحداً ينام جائعاً!"

ردّ عليها صديقي الروحاني بقوله، "حتى لو وزّعنا الطعام بين الجميع، هل تعتقدين أن الناس ستصل إلى حالة من الاطمئنان وسلام البال؟ أبداً لا.. إننا نحتاج إلى طمأنينة داخلية وغلالة سلام تغلّف أعماقنا. أنا لا أرى مخرجاً إلا في الطرق الروحيّة التي تساعدنا على أن نسمو بالنفس ونحلّق بها فوق مستوى المادّة التي تحكم عالم اليوم."

لمعت في ذهن صديقي الطبّاخ فكرة بعد سماعه رأي الروحاني وموظفة الضمان الاجتماعي فقال، "علّموا أطفال المدارس أصول الغذاء الصحيح، فسلامة الروح تأتي من صحّة البدن."

لم اصل من خلال هذه الأجوبة إلى قناعة كافية. كتبتُ إلى صديقي الدبلوماسي أسأله رأيه فجاءني ردّه، "السلام يا صديقتي!.. انشري السلام في ربوع الأرض، تغيّري العالم!"

عندما قرأتْ صديقتي السكرتيرة رأيه صاحت: "كيف ننشر السلام في ربوع العالم الكبير قبل أن ننشر السلام في ربوع عالمنا الصغير؟.. إني أرى أن نحسّـن علاقاتنا مع أفراد أسرتنا، مع أصدقائنا، مع جيراننا.. وسيكون السلام العالمي تحصيل حاصل!"

تمتمت صديقتي العجوز، "بل اقنعي الناس أن يكونوا أكثر لطفاً!"

لم يرق كلامها لصديقي الذي يشتغل باحثاً في حقل التربية النفسيّة فصاح، "بل دعي الناس يظهرون حقيقتهم ويفرغون ما في داخلهم من حقد وضغينة. عندما يفرّغ الإنسان شحناً كانت تمارس ضغوطاً في عالم اللاوعي عنده، يحسّن سلوكه وطريقة تعامله."

جواب صديقي المحاسب جاء مختلفاً كل الاختلاف عن أجوبة الآخرين، "اقنعي الأغنياء أن يعطفوا على الفقراء وأن يدركوا أن قيمة الإنسان أعلى من قيمة النقود والممتلكات."

أما الجواب الغاية في الغرابة فقد جاء على لسان صديقي الفلكي الذي قال، "إن الكوارث الطبيعيّة كالزلازل والحرائق والفيضانات تقرّب الناس بعضهم إلى بعض وتشعرهم بضرورة التعاون!"

وكتب إليّ صديقي الأديب رسالة يقول فيها، "لكي تغيّري العالم يا وفاء غيّري نفسك أولاً، فلو أصلح كل منا بيته لأصبح عالمنا أكثر جمالاً!"

بدا جوابه مقنعاً إلى أن جاءني رأي صديقي الفيلسوف، "في أعماق كل منا قناعةٌ مختلفة، علينا جميعاً أن نعمل ضمن قناعاتنا التي توجهنا كي نبني عالماً افضل."

مزيد من الحيرة اعتراني عندما سمعت ما قاله صديقي المصوّر، "لقد شوّهتِ المدنية المعاصرة الوجهَ الجميل لعالمنا، والعودةُ إلى الطبيعة ستنزع عن عالم اليوم وجهه القبيح وتعيد إليه جماله!"

صديقٌ لي، يمارس اليوغا ويعتبرها جزءاً من حياته اليومية، همس في أذني يقول، "جنة عدن التي تبحثين عنها يا وفاء هي مكانٌ ما موجودٌ في العقل ذاته!"

كان جوابه الصدمة الكبرى التي شتّتت كل الأفكار التي عثرت عليها منذ طرحتُ سؤالي. لم يبقَ أمامي إلا باب واحد لم أطرقه فعزمت على طرقه!.. رفعتُ وجهي إلى الذي فطر السماوات والأرض وتضرّعت إليه، "ربّي اهدني إلى الجواب الصحيح!"

ومن الســماء جاءني صوتٌ يقول، "بالحبّ!.. بالحبّ وحده تستطيعين أن تغيّري وجه العالم يا وفاء!"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق